الحزام الناري أو ما يسمى زنار النار أو الهربس النطاقي (Shingles or herpes zoster) هو موضوع مقالنا لهذا اليوم. تحدث هذه العدوى الفيروسية بعد إعادة تنشيط فيروس الحماق النطاقي أو فيروس جدري الماء نفسه (VZV)، الذي ظل كامنًا داخل العقد الجذرية العصبية بعد تعرض المريض للإصابة الأولية للفيروس على شكل الحماق (جدري الماء) والشفاء منه منذ الصغر. عادة ما يسبب طفحًا جلديًا مؤلمًا، يكون على هيئة حويصلات حلقية الشكل متجمعة على قاعدة حمامية. على الرغم من أن الفيروس ليس مميتًا ولا تكون الحالة الناتجة عنه مهددة للحياة، لكنه يسبب ألمًا شديدً قد لا يتحمله المريض. كما أن مكان انتشاره قد يسبب إعاقة حركية عند المريض واضطرابًا حسيًا. ولأن الحزام الناري يعتبر مرضًا شائعًا ومزعجًا عند كبار السن كالآباء والأجداد أو مضعفي المناعة مثلًا، سنعرض لكم أبرز المعلومات المتعلقة بهذا المرض. تابعوا معنا لعل معلوماتكم المتداولة حول هذا المرض قد تكون خاطئة، يمكنكم تصحيحها من خلال مقالنا التالي.

عوامل خطورة الحزام الناري

غالبًا يحدث الحزام الناري فقط عند الأفراد الذين سبق أن تعرضوا للفيروس في الطفولة الباكرة. حيث تشمل عوامل الخطر لتطوير المرض ما يلي:

  • تقدم العمر: إن المرض شائع الحدوث عند كبار السن، وذلك يعود إلى نقص المناعة المتطورة مع تقدم الإنسان بالعمر. مع العلم تزداد نسبة الإصابة عند الكبار بعمر 60 سنة أو أكثر.
  • ضعف جهاز المناعة: الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة لديهم احتمالية أكبر للإصابة بالهربس النطاقي. ويمكن ملاحظة ذلك في الأفراد المصابين بالأمراض التالية، مثل: السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والداء السكري.
  • الأدوية: بعض المرضى يتناولون الستيروئيدات بشكل مستمر ومفرط، والبعض الآخر مجبر على الالتزام بالأدوية المثبطة للمناعة (خاصة الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع الأعضاء).
  • أمراض المناعة الذاتية: الأفراد الذين يعانون من بعض أمراض المناعة الذاتية (مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة الحمامية الجهازية، وداء كرون، والتهاب القولون التقرحي) معرضون لخطر متزايد للإصابة بالهربس النطاقي.
  • الحالة النفسية: يعتقد أيضًا أن الضغوطات النفسية والعاطفية والقلق المفرط قد تساهم جميعها في تطور المرض.

أسباب الحزام الناري

  • يحدث الهربس النطاقي بسبب العدوى بفيروس VZV. حيث ينتمي الفيروس إلى العائلة الهربسية Herpesviridae، وهو ذو ألفة جلدية وعصبية، كما أنه يسبب الخمج الأولي في مرحلة الطفولة، والذي قد يعود ويتفعل بعد فترة طويلة.
  • في البداية، يسبب فيروس VZV العدوى الأولية عند الأطفال بأعمار صغيرة غالبًا. ذلك عندما يتلامس الفيروس مع الغشاء المخاطي الموجود في الجهاز التنفسي أو الملتحمة. عادة لا يحتاج المرض في مرحلة الطفولة لعلاج نوعي، فالأطفال قادرون على تحمل المرض أكثر من البالغين والمثبطين مناعيًا.
  • أما بالنسبة للإصابة بالهربس النطاقي، فيحدث نتيجة إعادة تفعيل الفيروس الذي بقي كامنًا (بعد الشفاء من الخمج الأولي) ضمن العقد الجذرية للأعصاب الحسية غالبًا، وخاصة في القسم الصدري الظهري والفرع العيني للعصب مثلث التوائم.

أعراض الحزام الناري

تبدأ الأعراض عادةً بالحرق أو الوخز أو الحكة أو اللسع في المنطقة التي سيتطور فيها الطفح الجلدي لاحقًا. في بعض الحالات يكون الألم شديدًا وخاصة عند أصحاب البشرة الحساسة.
بعد مرور عدة أيام من بدء الألم والإحساس الحارق، سيظهر الطفح الجلدي المميز للحزام الناري. يبدأ عادةً على شكل مجموعات من البقع الحمراء الصغيرة التي تتطور في النهاية إلى بثور صغيرة. تنفتح هذه البثور المليئة بالسوائل، وتتقرح ثم تبدأ بالجفاف والتقشر. عادة ما تتساقط القشور بعد عدة أسابيع، ويختفي الطفح بعد حوالي أسبوعين إلى أربعة أسابيع. كما يمكن أن يحدث تغيرًا في لون الجلد أو تندبًا في مكان الإصابة، وذلك في حالات نادرة إذا تعرضت طبقات البشرة والأدمة العميقة للخطر بسبب العدوى الثانوية أو غيرها من المضاعفات.
يمكن أن يصاب المريض ببعض الأعراض غير الشائعة، على سبيل المثال:

  • الشعور بالتعب والوهن العام والألم العضلي أيضًا.
  • صداع الرأس.
  • رهاب الضوء.
  • الحمى والقشعريرة.
  • تورم العقد اللمفاوية.

مضاعفات الحزام الناري

على الرغم من أن الهربس النطاقي يعالج ويشفى بدون أي مشاكل، إلا أنه يمكن أن تنشأ العديد من المضاعفات المرضية الخطيرة. سنذكر العديد منها:

  • الألم العصبي المزمن التالي للهربس (PHN): وهو أكثر المضاعفات شيوعًا. يتميز بالألم المستمر والشعور بعدم الراحة في المنطقة المصابة بالحزام الناري. حيث يمكن أن يستمر الألم من شهور إلى عدة سنوات بعد زوال الطفح الجلدي. يُعتقد أن هذه المضاعفات تحدث بسبب تلف الأعصاب المصابة. يزداد احتمال الإصابة به مع تقدم الإنسان بالعمر وضعف مناعته أكثر. قد يصعب السيطرة عليه في معظم الحالات، كما يمكن أن يؤدي الألم الشديد وغير المحتمل أحيانًا إلى الاكتئاب والعجز.
  • متلازمة رامزي هانت: إذا أثرت الفيروس على أعصاب الوجه، فقد يؤدي إلى ظهور الطفح في هذه المنطقة وخاصة الأذن وقناة الأذن، وبالتالي حدوث شلل في عضلات الوجه. قد تشمل الأعراض أيضًا الشعور بألم شديد في الأذن وطنين وفقدان السمع والدوخة.
  • إصابة العين: في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي إلى العمى. لذا يجب على الأفراد الذين يعانون من طفح جلدي يشمل العين أو الجبهة أو الأنف إجراء تقييم دقيق للعين من قبل الطبيب، والعلاج الطبي الفوري لها.
  • التهاب الدماغ: نادرًا ما يصاب الأفراد بالتهاب الدماغ. لكن يمكن أن تكون الحالة مهددة للحياة إذا كانت شديدة، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
  • عدوى الجلد الجرثومية: يمكن أن تتطور في بعض الأحيان عدوى جرثومية ثانوية للبثور الجلدية، مما يؤدي إلى التهاب النسيج الخلوي أو القوباء. قد تتميز هذه الالتهابات الجلدية بزيادة الاحمرار والألم الموضعي والحرارة الموضعية أيضًا في منطقة الطفح الجلدي وحولها.
  • الهربس النطاقي المنتشر: تحدث هذه الحالة الخطيرة والمهددة للحياة بشكل شائع عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. حيث يمكن للفيروس أن ينتشر إلى أعضاء أخرى في الجسم، منها (الدماغ والرئة والكبد)، بالإضافة إلى الطفح الجلدي المنتشر بشكل واسع.

 

احتمالية نقل العدوى لدى مريض الحزام الناري

  • يمكن للشخص المصاب بالحزام الناري (داء المنطقة أو زنار النار) أن ينقل للعدوى للأفراد الذين لم يطوروا مناعة ضد فيروس جدري الماء سابقًا. تحدث العدوى عادة عن طريق التماس المباشر مع مفرزات البثور المتمزقة والتقرحات الجلدية. ينتج عن هذا الاتصال إصابة الفرد بجدري الماء وليس زنار النار.
  • لذا يجب على المصاب تجنب الاتصال المباشر مع أي شخص آخر، وخاصة الأفراد غير المصابين بجدري الماء منذ الصغر، أو غير الملقحين سابقًا، أو أصحاب المناعة الضعيفة، والحوامل والأطفال حديثي الولادة.

العلاج الدوائي لمرض الحزام الناري

  • الأدوية المضادة للفيروس: إن ظهور العوامل المضادة للفيروسات (عن طريق الفم) ساهم في علاج هذه الحالة. حيث ثبت أن الأسيكلوفير ومشتقاته (فامسيكلوفير، وبينسيكلوفير، وفالاسيكلوفير) آمن وفعال في علاج المرض النشط والوقاية من الألم العصبي المزمن التالي للهربس (PHN). ومن أهداف العلاج المضاد للفيروسات (تخفيف الألم، ومنع تكاثر الفيروس وسفكه، وتعزيز التئام الآفات الجلدية، ومنع أو تقليل شدة الألم العصبي التالي للهربس).
  • الكورتيكوستيرويدات: إن الستيروئيدات القشرية لها خصائص مضادة للالتهابات، وتعدل من استجابة الجسم المناعية للمنبهات المتنوعة. كما أنها تساهم في انخفاض معدل الإصابة بـ PHN لدى المرضى المصابين بالفيروس.
  • علاج الألم العصبي المزمن التالي للمرض (PHN): هناك العديد من الخيارات العلاجية المتاحة، من بينها الكريمات الموضعية مثل (الكابسيسين)، والليدوكائين للتخدير الموضعي، والأدوية المضادة للنوبات مثل (gabapentin)، والأدوية المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات، والأفيونات.

 

الوقاية والعناية المنزلية بالحزام الناري

يمكن تطبيق العناية المنزلية بالطفح الجلدي، للمساعدة في تخفيف بعض الأعراض، على سبيل المثال:

  • استخدام غسولات موضعية لتقليل الحكة.
  • تطبيق الكمادات الرطبة الباردة على المنطقة المؤلمة بشدة.
  • الحفاظ على النظافة الشخصية الجيدة.
  • تجنب خدش الطفح الجلدي.
  • ارتداء ملابس فضفاضة.
  • محاولة الحفاظ على المنطقة المصابة نظيفة لمنع العدوى البكتيرية الثانوية للجلد.

إن الحزام الناري شائع عند كبار السن، وأصحاب المناعة الضعيفة. كما أن خطورته تكمن في المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن يطورها عند المصابين به. لذلك ننصح الأفراد بتقليل التوتر والضغط النفسي لأنها توثر سلبًا على المرض، بالإضافة إلى ضرورة الاستعانة الفورية بالاستشارة الطبية عند ظهور أي عارض.