يعتبر الكثيرون أن الأمور الطبية فنٌّ بحد ذاته، فهي تتطلب مهارة وتخيلًا عميقًا لتفاصيل الجسد وفهمًا لوظائف الأعضاء وخبايا الجسم، وتنطلق خيوط الفن بدءًا من اكتشاف الأدوية وصياغة الأشكال الصيدلانية وانتهاءً بإجراء الجراحات المختلفة والدقيقة ومرورًا بالأساليب التشخيصية المتنوعة والإبداعية، وتتربع الجراحة التجميلية تحديدًا على عرش الفنون الطبية الجراحية؛ فهي تنطوي على تحويل جزء من الجسم إلى شكل أفضل وأكثر كفاءة مما يُساهم في تعزيز إحساس الثقة بالنفس لدى المريض وأداء مهامه الحياتية؛ وسأجيب في هذا المقال عن سؤالين مهمين في عالم الجراحة التجميلية؛ وهما: ما هي جراحة تحويل مسار المعدة ولمن يصلح استخدامها؟، كما سأتطرق إلى أهم أنواعها وأضرارها وبعض المعلومات المتعلقة بها، ليكون مقالنا بذلك شاملًا لأهم ما يخص هذه الجراحة.

ما هي جراحة تحويل مسار المعدة؟

تندرج جراحة تحويل مسار المعدة ضمن قائمة الجراحات المستخدمة لعلاج البدانة وإنقاص الوزن، فهي من أكثر هذه الجراحات انتشارًا وشيوعًا، وأُجريت للمرة الأولى في عام 1994م وذاع صيتها بعد تفوقها على عملية تكميم المعدة من حيث النتائج.

وهي تعتمد بشكل عام على عمل شقوق صغيرة في الجلد ثم إدخال الأدوات الجراحية عبرها، ويرافق هذه الأدوات منظار أو كاميرا صغيرة مزودة بإضاءة جيدة لتنقل صورة واضحة عما يجري داخل الجسم؛ ثم يقطع الطبيب جزءًا من المعدة بشكل عرضي ليعزله عن باقي المعدة وليبقى منها جزء صغير على شكل مستودع يتسع لكمية قليلة من الطعام، أما المرحلة الثانية فتتضمن قطع جزء بسيط من الأمعاء الدقيقة ثم وصل الجزء الحر منها مع المستودع الصغير للمعدة؛ ويضمن هذا الفعل مرور الطعام من المستودع السابق إلى منتصف الأمعاء مباشرةً متجاوزًا مساحة كبيرة من المعدة والأمعاء؛ مما يؤدي إلى تحديد كمية الطعام التي يتناولها الشخص، وتخفيض الكمية الإجمالية التي تمتصها القناة الهضمية، بالإضافة إلى التدخل في عملية إفراز بعض الهرمونات؛ حيث يؤدي إلى تقليل مستويات الغريلين الذي يعتبر هرمون الجوع ويرفع مستويات الليبتين الذي يعتبر هرمون الشبع.

ما هي أنواع جراحة تحويل مسار المعدة؟

  • التحويل التقليدي لمسار المعدة؛ والذي يقسم إلى تحويل مسار المعدة البعيد والقريب.
  • تحويل مسار المعدة المُصغر.
  • تحويل مسار المعدة ثنائي التقسيم (SASI).

عملية تحويل مسار المعدة بالانجليزي

Gastric bypass surgery

ما هي أضرار عملية تحويل مسار المعدة؟

يمكن أن ينجم عن جراحة تحويل مسار المعدة المخاطر التالية:

  • متلازمة الإغراق أو الفتق أو التسرب أو انثقاب المعدة أو الأمعاء.
  • سوء التغذية وعوز بعض الفيتامينات أو المعادن.
  • مشاكل في الرئة أو القلب أو الطحال.
  • تغيير نمط الحياة بشكل كامل مما يسبب بعض الإزعاج.
  • النزف الداخلي أو من مكان العملية.

تكلفة عملية تحويل مسار المعدة

إن تكلفة هذه العملية متفاوتة جدًا؛ فهي تختلف حسب البلد الذي تجري فيه والقائمين على العملية وعددهم ومدى خبرتهم وتطور أدواتهم وأجهزتهم، ويضاف إليها تكاليف المشفى.

احتمال زيادة الوزن بعد عملية تحويل المسار

في الواقع يمكن ألا تحقق عملية تحويل مسار المعدة الفقدان المطلوب للوزن على المدى البعيد، ومن الوارد جدًا أن يزداد الوزن بعدها؛ وذلك في الحالات التالية:

  • إذا لم يلتزم المريض بالنظام الغذائي المحدد.
  • إن لم يمارس المريض التمارين الرياضية المناسبة قبل وبعد العملية.
  • وإذا اختار طاقم طبي غير مؤهل جيدًا.

لمن يصلح استخدام جراحة تحويل مسار المعدة؟

تعد هذه الجراحة خيارًا واردًا عندما يملك المريض الأمور التالية:

  • عدم نزول الوزن بالرغم من ممارسة الرياضة واتباع حميات غذائية متنوعة.
  • في حال السمنة المفرطة حين يبلغ مؤشر كتلة الجسم قيمة 40 أو أكثر.
  • في حالات السمنة التي يتراوح مؤشر كتلة الجسم فيها ما بين 35 و39.9، والمترافقة مع مشاكل صحية ناتجة عنها مثل داء السكري من النمط الثاني أو انقطاع النفس النومي أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
  • بالإضافة إلى السمنة العادية التي يتراوح مؤشر كتلة الجسم فيها ما بين 30 و34، والمترافقة مع مشاكل صحية خطيرة جدًا ومهددة للحياة.
  • إذا وجد الطاقم الطبي المسؤول عن الجراحة أن المريض مؤهل للجراحة بعد تقييمهم الدقيق لحالته، وذلك من خلال:
  1. تقييم الحالة الصحية للمريض: وذلك عبر الفحص الجسدي الشامل والتحاليل المخبرية والفيزيائية والكيميائية، بالإضافة إلى تقييم الأدوية التي يتناولها المريض بشكل دائم أو مؤقت وتحديد فيما إذا كانت تؤثر على العملية أم لا، كما أن المعلومات المتعلقة بالتدخين وشرب الكحول مطلوبة أيضًا، ويجب معرفة فيما إذا كان المريض يعاني من مشاكل صحية أخرى كالقصور الكلوي أو الكبدي أو الربو أو المشاكل القلبية أو غيرها.
  2. الحالة النفسية: يوجد بعض الاضطرابات النفسية التي تسبب السمنة؛ مثل النهم العصبي والاكتئاب وتعاطي المخدرات والقلق وبعض الأمور المرتبطة بالاعتداء الجنسي على الأطفال؛ مما يتطلب الحصول على استشارة الطبيب النفسي قبل اتخاذ قرار إجراء العملية، فيمكن أن يتم علاج السمنة بعد علاج الأمراض السابقة بدون الحاجة إلى العملية، ويجب إجراء الاستشارة حتى وإن كانت العملية خيارًا لا بد منه.
  3. العمر: ما يزال خيار إجراء العملية لدى الأشخاص ذوي الأعمار الأقل من 18 سنة موضع جدل، بالإضافة إلى أن مخاطر العملية تزداد مع التقدم بالعمر.
  4. الدوافع: يعنى الفريق الطبي بتقييم مدى استعداد المريض للجراحة ووعيه بمخاطرها وإمكانية التزامه بالنظام الغذائي بعد الجراحة.

تعتبر هذه العملية من أهم عمليات إنقاص الوزن وأكثرها غرابةً من حيث التقنية، فلا عجب أن من قام باختراعها هو فنان حقيقيٌّ، وهذا يؤكد أن الجراحة بشكل عام هي فن بحد ذاته.