تُعتبر الحالات المرضية الهضمية المختلفة من أكثر ما يواجه الفرد في حياته اليومية ويُقلقُ راحته، ويُمكن معالجة هذه الحالات بوسائل بسيطة موجودة في كل منزلٍ أو قد يُضطر المريض إلى استشارة الطبيب أو الصيدلي عندما لا تنفع العلاجات المنزلية أو عندما يُلاحظ تفاقم حالته وتأثيرها على نوعية حياته وأداءه لمهامه، وسأتحدث في هذا المقال عن الإمساك الذي يُعتبر إحدى أكثر هذه المشاكل شيوعًا بالإضافة إلى ذكر أهم أسبابه والطرائق المناسبة لعلاجه في المنزل والصيدلية، ولن أنسى تناول الحالات التي تستوجب استشارة طبيب مختص لإجراء الفحص اللازم.

 

 

 

 

 

 

 

الإمساك

ويُسمى في اللغة الإنكليزية (Constipation)، ويُعبِّر عن الحالة التي يُعاني فيها المريض من قلة حركة الأمعاء وصعوبة مرور الكتلة البرازية فيها بحيث يُصبح أيضًا عدد مرات تبرُّز المريض في الأسبوع الواحد أقل من ثلاث، كما تُصبح الكتلة البرازية أكثر صلابةً وجفافًا فيشعر المريض بوجود انسدادٍ في المستقيم مما يُسبب له إجهادًا أثناء عملية التبرز ويمنعه من تفريغ كامل المستقيم، كما قد يُضطر للضغط على بطنه أو إزالة الكتلة من المستقيم بإصبعه، ويُعتبر الإمساك عرضًا للعديد من الأمراض، بالإضافة إلى أنه قد يكون تأثيرًا جانبيًا لبعض الأدوية، وقد يستمرّ الإمساك لعدّة أسابيع أو أكثر حسب العامل المسبب وعندها يُسمى مزمنًا، ويُعتبر الإمساك المزمن عرضًا مزعجًا يتعارض مع قدرة المريض على قيامه بمهامه اليومية.

أسباب حدوث الإمساك

  • التغيرات الهرمونية؛ فمن المعروف أنه عند الإصابة بقصور الغدة الدرقية سيقلّ معدّل الاستقلاب وبالتالي سيزيد احتمال الإصابة بالإمساك المزمن، كما أن فرط نشاط جارات الدرق يُمكن أن يتسبب بحدوثه، ولا يُمكن نسيان ما يُسببه داء السكري من اعتلالات عصبية وتغيرات في الجسم وتركيب الدم تؤدي في النهاية إلى الإصابة بالإمساك، ولا بد من ذكر أن ارتفاع تركيز هرمون البروجسترون يؤدي إلى مشاكل هضمية يُعتبر الإمساك من أهمها وهذا ما يحدث خلال فترة الحمل.
  • تناول بعض أنواع الأدوية؛ كمسكنات الألم الأفيونية مثل الكودئين والمورفين وغيرها، وبعض مضادات الاكتئاب، وبعض الأدوية الخافضة لضغط الدم مثل الأملوديبين، مضادات الإسهال مثل ديفينوكسيلات، وبعض مضادات الحموضة الحاوية على أملاح الألمنيوم، كما قد تسبب مثبطات مضخة البروتون مثل أوميبرازول الإمساك أحيانًا.
  • حدوث سرطان في السبيل الهضمي؛ مثل سرطان القولون أو المستقيم أو سرطان بطني يُسبب ضغطًا على القولون.
  • وجود مشاكل في عضلات الحوض؛ مثل عدم القدرة على استرخائها، أو عدم وجود تناسق بين انقباضها وانبساطها، أو حدوث وهن فيها.
  • المشاكل العصبية التي يُمكن أن تسبب انضغاطًا على العضلات في القولون والمستقيم؛ ويُعتبر التصلب المتعدد وداء باركنسون والإصابة بالسكتة الدماغية أو الأذية في النخاع الشوكي أو بعض الاعتلالات العصبية من أهم هذه المشاكل.
  • متلازمة الأمعاء الهيوجة؛ التي تُسبب تناوبًا بين الإسهال والإمساك.
  • بعض الأمراض النفسية؛ كالاكتئاب أو اضطرابات الأكل.
  • النظام الغذائي الفقير بالألياف والسوائل.
  • الإصابة بالشلل أو ممارسة الأعمال التي تتطلب الجلوس لفترات طويلة وبشكل مستمر؛ كما يحدث مع السائقين.
  • التقدم بالعمر والإصابة بكسل الأمعاء.

علاج الإمساك بالطرق المنزلية الشائعة

  • إن أول تدبيرٍ يُمكن الاستفادة منه هو بإتباع نظام غذائي مناسب لتليين الكتلة البرازية وتسهيل خروجها، بحيث يكون هذا النظام غنيًا بالألياف النباتية الموجودة في الكثير من الخضروات كالسلق والسبانخ والخس والبندورة والعديد من الفواكه كالعنب والتوت والحمضيات، ولكن يُمكن أن يزيد الموز والتفاح الإمساك سوءًا بسبب احتوائهما على البكتينات، كما يجب الإكثار من السوائل وخاصة الماء النقي والعصائر الطبيعية، ويُمكن استبدال الخبز العادي والمعجنات بخبز النخالة أو الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة فقط.
  • تناول ملعقة صغيرة من زيت الزيتون على الريق.
  • ممارسة التمارين الرياضية البسيطة التي يُمكن أن تُساهم في تحسين حركة الأمعاء؛ فالجلوس لفترات زمنية طويلة سيزيد الإمساك سوءًا وقد يكون السبب الكامن وراء حدوث الإمساك كما يحدث عند المرضى المُقعدين، ويُنصح بالمشي يوميًا لفترة معينة لا تزيد عن ساعة، كما يُفضّل مساعدة المقعدين على تحريك أرجلهم بشكل يومي بحركات تُشبه قيادة الدراجة أو القرفصاء.
  • تجنب تناول الكافيين والمنبهات.
  • محاولة تعويد الجسم على التغوُّط بموعد محدد يوميًا وإعطاء الجسم الوقت الكافي والوضعية المريحة، وعدم تجاهل حاجة الجسم للتغوط ونداءات الأمعاء بإخراج فضلاتها.

متى يجب أن تزور طبيبًا مختصًا؟

توجد أوقاتٌ معينةٌ يُصبح فيها الإمساك حالةً أكثر جديةً وخطورةً وقد يكون عرضًا لأمراضٍ خطيرةٍ، ويتوجب زيارة طبيب مختص بالأمراض الهضمية لإجراء الفحوصات المناسبة واكتشاف السبب الأساسي ووصف العلاج الطبي المناسب إذا تطلب الأمر في حال:

  • استمر الإمساك لأكثر من أسبوع حتى بعد تطبيق العلاجات المنزلية الشائعة مع وجود أو عدم وجود أعراض أخرى.
  • خروج دم فاتح مع البراز أو خروج براز زفتي أو أسود.
  • الشعور بألم أو انتفاخ أو تورم أو ملاحظة تشققات في منطقة الشرج؛ وهذا قد يكون دليلًا على حدوث البواسير.
  • كما يجب استشارة مختص في حال كانت المريضة حاملًا أو مرضعًا أو في حال كان المريض طفلًا رضيعًا أو شخصًا كبيرًا في السن أو شخصًا يتناول دواءً أو أكثر لمرضٍ مزمنٍ أو أكثر.

علاج الإمساك باستخدام الأدوية

توجد الكثير من الأدوية التي تُساهم في علاج هذه المشكلة، ويوصف العلاج المناسب حسب السبب الكامن وراء حدوث الإمساك بعد إجراء الفحوصات اللازمة، وتكاد لا تخلو وصفة طبية لعلاج الإمساك من واحدٍ أو أكثر من الأدوية التالية:

  • زيت الخروع؛ حيثُ يُعتبر عقارًا نباتيًا مُلينًا يُعطي فعاليةً عاليةً لكنه قد يُسبب كسلًا في الأمعاء عند استخدامه بشكلٍ متكرر.
  • تناول الخلطات أو الشايات الطبية الملينة والحاوية على نبات العشرق (السنا مكي) أو الراوند الطبي بشكلٍ أساسيٍّ، بالإضافة إلى مجموعة من العقاقير النباتية كخلاصة أوراق النعناع أو البابونج أو ثمار الكمون أو الشمرة التي تُخفف حالة الانتفاخ والانزعاج البطني الناجم عن الإمساك، ولكن يجب الحذر من التناول المستمر لهذه الخلطات أيضًا لأنها تُسبب تعوّدًا وكسلًا في الأمعاء أيضًا.
  • تناول المكملات الغذائية الحاوية على النخالة (البسيليوم) أو خلاصة الحبوب الكاملة أو بذور الكتان، ويجب تناول كوب أو اثنين من الماء مع كل جرعة منها لضمان انتباجها وتليينها للكتلة البرازية.
  • الأدوية الملينة التناضحية؛ مثل هيدروكسيد المغنزيوم أو سيترات المغنيزيوم أو بولي إيتيلين غليكول أو سكر اللاكتولوز -الذي يُعتبر الملين الأكثر أمانًا للحامل والمرضع-؛ وهي الأدوية التي تساعد على زيادة إفراز الماء إلى جوف الأمعاء مما يساهم في تقيل صلابة وجفاف الكتلة البرازية وتسهيل مرورها.
  • الأدوية الملينة المنبهة أو المحفزة للأعصاب في الأمعاء الغليظة؛ والتي تُساعد في زيادة الحركة التمعجية للأمعاء وتقلص العضلات، مثل بيزاكوديل والأدوية الحاوية على سينوزيدات -وهي المواد الفعالة المستخلصة من السنا مكي والراوند الطبي وغيرها من العقاقير الملينة-.
  • المواد المزلقة كالزيوت المعدنية مثل زيت البارافين.
  • الأدوية المرطبة أو المنعمة للبراز؛ مثل دوكيوسات الصوديوم.
  • الحقن الشرجية الحاوية على أملاح ملينة مثل disodium hydrogen phosphate وsodium dihydrogen phosphate.
  • تحاميل الغليسيرين المزلقة.
  • لوبيبروستون الذي يُساعد على جذب الماء إلى الأمعاء.
  • حاصرات المستقبلات الأفيونية من نمط ميو؛ وتُعطى في حال كان سبب الإمساك عائدًا لتناول المسكنات الأفيونية، ومن أهم هذه الأدوية هو نالتريكسون.
  • إذا كان الإمساك أثرًا جانبيًا لأدوية معينة كنت قد ذكرتها من قبل فيجب استشارة طبيب للحصول على الإذن بإيقافها واستبدالها بأدوية أخرى تعطي فعالية مشابهة من دون التسبب بالإمساك.

علاجات غير دوائية للإمساك

  • تدريب عضلات الحوض عن طريق جلسات الارتجاع البيولوجي مع معالج متخصص.
  • تعتبر الجراحة هي الخط العلاجي الأخير للإمساك المزمن؛ والتي قد تتضمن استئصالًا جزئيًا للقولون ونادرًا ما يكون كاملًا.

يُعتبر الإمساك من أكثر المشكلات الهضمية إزعاجًا، ولكنه أيضًا من الحالات التي لم يتركها الطب الحديث تعبث في حياة الفرد كما تشاء، وللحصول على النتائج الممتازة يجب إتباع مقولة: “درهم وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاج” بالإضافة إلى الحصول على الاستشارة الطبية من المختصين حصرًا وفي الوقت المناسب.