تتنوع الأعراض في بحر الأمراض بسبب تنوع مُسبباتها، ويبقى السعال من أقدم الأعراض وأكثرها شيوعًا في العالم، ويُعد الصديق المُرح المُزعج الذي يُرافق العديد من الأمراض كالأمراض التنفسية وبعض أنواع الأورام وبعض الأمراض الهضمية والتحسسية، ويمكن أن يظهر جافًا أو مصاحبًا للمخاط عديم اللون أو الأخضر أو المدمى، كما يُمكن أن يكون مستمرًا وشديدًا أو متقطّعًا، لكن عليك أن تعلم أن ماهية السعال لا تقتصر على كونه عرضًا مزعجًا وسيئًا بل يُعتبر أيضًا استجابة طبيعية من الجسم عند تهيج الحلق أو المجاري التنفسية بسبب شيء ما كغبار الطلع أو الجراثيم أو الفيروسات أو زيادة المفرزات القصبية أو المواد الكيميائية وغيرها، وتُمثل هذه الاستجابة وسيلة للتخلص من هذا العامل المهيج، وسأُحدّثك في هذا المقال عن نوعٍ من أنواع السعال وأسبابه وعلاجه.

 

السعال الجاف

ويُسمى باللغة الانكليزية Dry cough))، ويُعرَّف بأنه السعال الذي لا يُرافقه خروج مخاط أو قشع، وأحيانًا يرتبط بوجود إحساس دغدغة أو تورم أو وجود جسم غريب في الحلق، وتختلف فترة استمراره حسب العامل المسبب له، ويُدعى حادًّا إذا استمر لأسبوعين أو أقل بينما يُدعى مزمنًا إذا استمر لأكثر من 8 أسابيع عند البالغين، ويتميَّز بشكل عام بكونه مزعجًا وقد يُسبب تخريش الحلق والصداع والأرق والدوار والإعياء وألم في الصدر، كما أن السعال الجاف العنيف قد يسبب تهيج الرئتين ويؤدي للمزيد من السعال وقد يسبب التقيؤ أو السلس البولي وحتى انكسار بعض الأضلاع.

أسباب السعال الجاف

تتعدد أسباب حدوث السعال الجاف بسبب وجود الكثير من المُسببات المرضية، وسأخبرك في السطور التالية عن أهم هذه الأسباب:

  • تناول بعض أنواع الأدوية؛ مثل الأدوية الخافضة لضغط الدم من زمرة مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين1، ومن أشهرها: كابتوبريل، إينالابريل، فوسينوبريل، ليزينوبريل، بيريندوبريل وغيرها.
  • وجود التهاب في الحلق ناجم عن عدوى في الجهاز التنفسي كالإصابة بالإنفلونزا أو السعال الديكي أو فيروس كورونا (كوفيد-19)، بالإضافة إلى الحساسية الموسمية أو الحساسية تجاه مادة معينة أو نتيجة التعرض للمواد الكيميائية المخرشة، كما أن سرطان الرئة يُمكن أن يُسبب سعالًا جافًا.
  • الإصابة بالربو: ويُعرف الربو بأنه مشكلة صحية غير محددة السبب بدقة ولكن أُثبت للوراثة دور هام في ظهورها، ويؤدي الربو إلى تضيُّق الممرات الهوائية والتهابها وتهيجها مما ينجم عنه نوبات من السعال الجاف الشديد المؤرِّق المترافق مع ضيق النفس وعلامات قريبة من الاختناق وصوت الأزيز عند التنفس وآلام في الصدر.
  • الارتجاع أو القلس المعدي المريئي (GERD): والذي يحدث بسبب تكرار ارتداد حمض المعدة إلى الأنبوب الذي يربط الفم بالمعدة والمُسمى بـ(المريء)، وتُسبب هذه الحالة المرضية الكثير من الإزعاج للمريض كإحساس الحرقة في المعدة وألم الصدر وصعوبة البلع والسعال الجاف المزمن والشعور بوجود كتلة في الحلق والتهاب الحنجرة واضطرابات النوم.
  • التليف الرئوي مجهول السبب.
  • استنشاق مادة مهيجة للسبيل التنفسي كالدخان أو الغبار.
  • داء الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
  • بعض الأمراض القلبية مثل فشل القلب.

علاج السعال الجاف

إن العلاج يعتمد بشكل أساسي على معالجة السبب الكامن بالإضافة إلى تخفيف السعال قدر الإمكان لتحسين نوعية الحياة لدى المريض، فعلى سبيل المثال:

  • إذا كان السعال الجاف أثرًا جانبيًا ناجمًا عن تناول دواء كابتوبريل فعندها يُمكنك استشارة طبيب القلبية لإجراء الفحوصات اللازمة والاستعداد لتبديل الدواء إلى أحد أصناف زمرة حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 مثل فالسارتان أو تيلميسارتان.
  • إذا كان ناتجًا عن عدوى جرثومية أو فيروسية فيُفضل عندها إجراء التحاليل اللازمة وإجراء اختبارات الزرع ليتمكن الطبيب من وصف المضاد الحيوي أو المضاد الفيروسي المناسب.
  • يُمكن تناول مُضادات الهيستامين إذا كان السعال الجاف ناجمًا عن عامل مُحسس وخاصة في فصل الربيع.
  • يُمكن تناول كابتات السعال الجاف التي تُعطى بدون وصفة طبية؛ مثل المضغوطات أو الشرابات الحاوية على ديكستروميتورفان وذلك في حال نفي وجود أمراض خطيرة كالانسداد الرئوي المزمن أو الفشل القلبي.
  • يُمكن معالجة الارتجاع المعدي المريئي باستخدام الأدوية المضادة لحموضة المعدة والأدوية التي تُقلل إنتاج الحمض مثل حاصرات مستقبلات H2 أو الأدوية الحاصرة لمضخات البروتون.
  • من المهم إتباع بعض الملاحظات أيضًا، مثل:
  1. تناول المشروبات الساخنة وخلطات الأعشاب المُلطفة للحلق والمخففة للسعال كتلك الحاوية على بتلات الختمية وأوراق المليسة وأوراق الزعتر البري وأوراق النعناع وأزهار البابونج.
  2. تناول ملعقة من العسل يوميًا مع كوب من الماء النقي والفاتر.
  3. يمكن تناول الأقراص المطهرة للحلق الحاوية على المنتول أو العكبر أو كلاهما معًا.
  4. الابتعاد عن الأماكن المزدحمة والملوثة، ويُمكن وضع قناع طبي أو كمامة عند حتمية التواجد فيها.
  5. الإقلاع عن التدخين وتجنب مخالطة المرضى المصابين بأمراض تنفسية.

إن السعال من الأعراض المزعجة جدًا والتي قد تقلق راحة المريض وتؤثر على تفاصيل حياته اليومية وقد يكون لها دلالة على أمراض خطيرة، ويختلف علاجه حسب نوعه لذلك لابد من تحديد نوعه والعامل المسبب له بدقة من قبل الطبيب أو الصيدلي لضمان الشفاء العاجل والتام.