تترافق الجهود المبذولة لفقدان الوزن الزائد بخطواتٍ إيجابيةٍ تقود نحو حياةٍ صحيةٍ أفضل. إلا أن المبالغة في ذلك قد يؤدي إلى مشاكل صحيةٍ خطيرةٍ. ويعتبر مرض فقدان الشهية النفسي أحد اضطرابات تناول الطعام التي تعيق الأداء الصحي والنفسي والاجتماعي للمراهقين والكبار على حدٍ سواء. ويعرف بأنه اضطراب عصبي يترافق مع فقدان الرغبة بتناول الطعام. وبرغم ظهور خللٍ وظيفيٍ وهيكليٍ في دماغ المرضى الذين يعانون من فقدان الشهية النفسي. إلا أن عدم اقتناع المريض بمظهره الخارجي يعتبر من أشهر أسباب حصول هذا الاضطراب. ويرجع ذلك لأسبابٍ عديدةٍ قد يكون أشهرها الإدراك غير السليم لمفهوم الجسم المثالي، والذي ينتج عنه الخوف المرضي من اكتساب الوزن الزائد.

وهناك نوعان لفقدان الشهية النفسي، يترافق الأول منهما باتباع نظامٍ غذائيٍ وحميةٍ شديدين، إضافةً إلى ممارسة التمارين الرياضية بصورةٍ مفرطةٍ. أما الثاني فيترافق بتناول الطعام بشراهةٍ، ثم التخلص منه بطرقٍ غير سليمةٍ كالقيء، واستخدام الملينات، وغيرها من الطرق المتبعة لتخفيف الوزن. وقد يتساءل كثيرون هل فقدان الشهية النفسي مرض خطير. وبعد مراجعة الكثير من الأبحاث والدراسات ذات الصلة وجدنا عزيزي القارئ أن القليل جدًا من الأمراض النفسية ينتهي بالموت. غير أن هذا الاضطراب كان واحدًا منها. لذا هلم بنا عزيزي القارئ نتعرف معًا على مضاعفات فقدان الشهية النفسي، وآلية علاجه.

هل فقدان الشهية النفسي مرض خطير

تشمل مخاطر الإصابة بفقدان الشهية النفسي مشاكلًا جسديةً ونفسيةً وعاطفيةً، وسلوكيةً تكون محدودةً في البداية، لكنها قد تصبح مع الوقت أكثر حدةً. ومن أشهر أعراض فقدان الشهية النفسي انخفاض ضغط الدم، ثم تباطؤ عدد ضربات القلب، ونقص الفيتامينات، وجفاف البشرة، وتساقط الشعر، وهشاشة العظام، والفشل الكلوي، وضعف الدورة الدموية، وانخفاض عدد الكريات البيض، مع الإحساس بالتعب والوهن الشديدين والمترافقين بالدوار والإغماء المتكررين. ويمكن لهذه الأعراض أن تتطور بتطور الحالة، وعدم تلقي العلاج المناسب إلى مضاعفاتٍ خطيرةٍ قد تقود صاحبها إلى الموت.
كذلك من الممكن أن يترافق فقدان الشهية النفسي بسلوكياتٍ مرضيةٍ من شأنها إيذاء المريض. كتناول المشروبات الروحية، وتعاطي المخدرات، والتي غالبًا ما تنتهي بمحاولات الانتحار أيضًا.

مضاعفات اضطراب فقدان الشهية النفسي

يؤدي استمرار فقدان الشهية النفسي لفتراتٍ طويلةٍ إلى العديد من المضاعفات النفسية والجسدية قصيرة، أو طويلة الأجل، وقد تكون في بعض الأحيان خطيرةً يمكن أن تهدد الحياة، وذلك اعتمادًا على حدة وحالة الاضطراب. وتشمل مضاعفات هذا الاضطراب:

  • نقص البوتاسيوم الذي يعد الأكثر خطورةً لأنه يسبب اضطراب في ضربات القلب، أو السكتة القلبية والوفاة.
  • سوء التغذية الحاد، والذي يعني عدم حصول الدماغ على المغذيات الأساسية.
  • النقص الكبير في المعادن الهامة، وخاصةً الكالسيوم، والذي ينتج عنه هشاشة في العظام.
  • انخفاض حاد في ضغط الدم، ومعدل التنفس.
  • فقر الدم، وفقدان العضلات.
  • فشل في بعض وظائف الأعضاء الهامة في الجسم كالقلب، والكلى.
  • مشاكل الجهاز الهضمي كالإمساك، وآلام البطن الحادة.
  • اختلال توازن الأملاح في الجسم بشكلٍ كبيرٍ.

في هذه المرحلة قد يدفع المريض حياته ثمنًا لهذه المضاعفات، إذا لم يبدأ بتلقي العلاج المناسب لحالته. حيث تشير الإحصائيات أن ما يقارب عشرةٍ في المئة، من بين المصابين بفقدان الشهية النفسي، قد توفوا نتيجة مضاعفات هذا المرض.

علاج اضطراب فقدان الشهية النفسي

يحتاج علاج فقدان الشهية العصبي إلى منظومةٍ متكاملةٍ من الأطباء، واختصاصيي الصحة العقلية، واختصاصيي التغذية، الذين يتمتعون بخبرةٍ واسعةٍ في معالجة اضطرابات الأكل. وقد يبدأ علاج فقدان الشهية النفسي بالعمل على استعادة الوزن في الحالات التي تكون فيها حياة المريض على المحك نتيجةً لسوء التغذية. حيث يزود المريض بمساعدة خبراء تغذية بالمغذيات الأساسية بشكلٍ إسعافيٍ، وقد يكون دخول المشفى في بعض الحالات أمرًا لا بد منه. ويمكن تصنيف مراحل علاج مرضى فقدان الشهية النفسي بحسب حالتهم إلى:

  • علاج غذائي.
  • علاج نفسي.

العلاج الغذائي لاضطراب فقدان الشهية النفسي

  • علاج في المشفى: ويعتمد في الحالات الأكثر حدةً، حيث يحتاج المريض إلى غرفة طوارئٍ مزودةٍ بتجهيزاتٍ لحل مشاكل اضطراب نظم القلب، واختلال توازن الشوارد الكهربائية، وأحيانًا لحل بعض المشاكل النفسية.
  • الرعاية الطبية: يعتمد في الحالات الأقل خطورةً، والتي تحتاج إلى مراقبةٍ مستمرةٍ للعلامات الحيوية للمريض. وقد يزود المريض في هذه المرحلة بأنبوب تغذيةٍ يمرر عبر الأنف وصولًا إلى المعدة. ويستخدم هذا الأنبوب لإدخال الطعام عبره.
  • العمل على العودة إلى الوزن الصحي: ويكون ذلك في آخر مراحل علاج فقدان الشهية النفسي، حيث لا يمكن الشفاء بشكلٍ نهائيٍ من أعراض هذا الاضطراب بدون الحصول على التغذية المناسبة، والتي تعيد للمريض وزنه الصحي.

العلاج النفسي لاضطراب فقدان الشهية النفسي

يبدأ العلاج النفسي للمريض بمساعدة خبراء نفسيين، ويمكن تقسيم هذا العلاج إلى:

  • العلاج النفسي المرتبط بالعائلة: لا يستطيع المراهقون المصابون بفقدان الشهية النفسي اتخاذ قراراتٍ سليمةٍ في اختيار الأطعمة المناسبة لهم، وهنا تكمن أهمية تدخل الوالدين لمساعدة طفلهم في إعادة التغذية واستعادة الوزن الصحي بإشرافٍ وتوجيهٍ مباشرٍ من اختصاصيين نفسيين وغذائيين.
  • العلاج الشخصي: يقوم على وضع برامج تغذية لزيادة الوزن، بحيث يجبر المريض بدايةً على اتباعها إلى أن تتحول إلى عادةٍ يوميةٍ. وعلى صعيد آخر يجب العمل على تصحيح الأفكار الخاطئة للمريض، والتي تضع قيودًا شديدةً وغير صحيةٍ على معدل السعرات الحرارية الواجب تناولها في الوجبات.