إذا كنت سيدتي تخططين مع الشريك لإنجاب مولودٍ جديدٍ، فقد تتساءلان سويةً ما أعراض متلازمة الكحول الجنيني سواء كنتما من المدمنين على الشراب، أو ممن يتناول كأسًا في المناسبات الاجتماعية الخاصة فقط. حيث يمكن القول إن تعاطي الكحول يعود في المقام الأول لأسبابٍ نفسيةٍ، ويعد سلوك العائلة أكبر مساعدٍ على إدمان الكحول. إذ يساعد وجود فردٍ مدمنٍ في انتشار الأمر بين أفراد العائلة. كذلك قد تسبب الأحداث العصيبة التي يمر بها الأفراد بإدمان الكحول. كما يؤمن بعض الأشخاص أن شرب الكحول يشفي أمراضهم وهذا مخالف للمفاهيم العلمية، إذ يؤثر الكحول سلبًا على كيمياء المخ.

ومن المؤكد أن هذه الخطورة ترتفع في حال إدمان المرأة الحامل على تناول المشروبات الكحولية. إذ يسبب ذلك إصابة الطفل بما يعرف بمتلازمة طيف الكحول الجنيني. وتتضمن هذه المتلازمة مجموعةً من المشكلات الجسدية، ومشاكل في نمو الجهاز العصبي، وتسمى الحالة الأكثر خطورةً منها بمتلازمة الكحول الجنيني FAS. كما تتضمن الأنواع الفرعية الأخرى لمتلازمة طيف الكحول الجنيين ما يعرف بمتلازمة الكحول الجنيني الجزئية، واضطرابات النمو العصبي المرتبطة بالكحول، والعيوب الخلقية المرتبطة بالكحول. ويمكننا تعريف متلازمة الكحول الجنيني بأنها مجموعة من المشاكل والاضطرابات الصحية التي تصيب الأطفال نتيجة تناول الأم للمشروبات الكحولية أثناء حملها بهم بكمياتٍ كبيرةٍ وخاصةً خلال الأسابيع الأولى من الحمل. حرصنا سيدتي في مقالنا التالي أن نقدم لك كل ما له علاقة بمتلازمة الكحول الجنيني بهدف التوعية بمخاطره، والتعريف بالطرق المتبعة في علاجه ومواجهة أعراضه.

أعراض متلازمة الكحول الجنيني FAS

تختلف مميزات وخصائص متلازمة الكحول الجنيني بين فردٍ وآخر، غير أن هناك إجماع على كيفية التشخيص وتحديد الأعراض المرافقة لها. ويمكننا القول إن أعراض متلازمة الكحول الجنيني تشمل مجموعةً من العلامات والعيوب الجسدية والإعاقات الذهنية والإدراكية والسلوكية. حيث تختلف شدتها بين طفلٍ وآخر تبعًا لكمية الكحول التي تناولتها الأم، ولنوع الكحول، ولفترة تناوله، إضافةً إلى عمر الطفل. وغالبًا ما يرتبط تناول الأم الحامل للكحول في الثلث الأول من الحمل بتشوهاتٍ خلقيةٍ حادةٍ وبإلحاق الضرر بالدماغ والقلب. في حين يرتبط تناول الكحوليات في مراحلٍ لاحقةٍ من الحمل بالتأثير سلبًا على النمو. ويمكننا تصنيف هذه الأعراض بحيث يسهل تشخيصها إلى أعراضٍ جسديةٍ، وأعراضٍ ذهنيةٍ، وأعراضٍ سلوكيةٍ مع توضيح العلامات المرتبطة بكلٍ منها.

الأعراض الجسدية لمتلازمة FAS

تشمل الأعراض الجسدية لمتلازمة الكحول الجنيني مجموعةً من العلامات نذكر منها:

  • تأخر في النمو قبل الولادة وبعدها، حيث ينخفض متوسط طول الطفل، ووزنه بالمقارنة مع الحالة الطبيعية لفئته العمرية.
  • ملامح وجهٍ غير طبيعيةٍ، حي تكون الشفة العلوية رفيعةً جدًا، وتكون الفجوة بينها وبين الأنف مسطحةً وذات سطحٍ ناعمٍ. كما تكون فتحة العيون صغيرةً أيضًا.
  • صغر حجم الرأس والدماغ.
  • ظهور مشاكلٍ في حاستي الرؤية والسمع.
  • ظهور مشاكلٍ في القلب، والكلية، والعظام.
  • تشوهات في شكل المفاصل والأطراف والأصابع.

الأعراض الذهنية لمتلازمة FAS

تترافق متلازمة الكحول الجنيني بمجموعةٍ من المشاكل والإعاقات الذهنية، إضافةً إلى بعض المشاكل المتعلقة بالدماغ والجهاز العصبي للطفل، ونذكر منها:

  • صعوبات الإدراك والتعلم.
  • عدم القدرة على الانتباه والتركيز ومعالجة المعلومات.
  • مشاكل في مركز توازن الجسم.
  • تراجع كبير في الذاكرة، وتدني مستوى الذكاء.
  • النشاط الزائد، والعصبية غير المبررة، وسرعة تغير المزاج.
  • صعوبة في حل المشكلات واتخاذ القرار المناسب، وتحديد عواقب الاختيارات.

الأعراض السلوكية لمتلازمة FAS

وتتضمن هذه الأعراض مجموعةً من المشكلات الاجتماعية كمشاكل التأقلم والتفاعل مع الآخرين، ويمكن تصنيفها على الشكل التالي:

  • صعوبات في تكوين الصداقات والحفاظ عليها.
  • ضعف مهارات التواصل الاجتماعية مع الآخرين، وعدم القدرة على البقاء معهم لفتراتٍ طويلةٍ.
  • عدم القدرة على التحكم بالسلوك والسيطرة على الاندفاع.
  • صعوبة في تنفيذ المهام التي تحتاج إلى تخطيطٍ، أو التي تتضمن مجموعةً من الخطوات.

كما قد يميل الأطفال المصابين بهذه المتلازمة عند بلوغهم مرحلة المراهقة إلى المشاركة في النشاطات والسلوكيات الخطيرة، وقد ينخرطون في العمل الإجرامي أحيانًا.

أسباب متلازمة الكحول الجنيني

تحدث متلازمة الكحول الجنيني نتيجة تناول المرأة للمشروبات الكحولية أثناء حملها. إذ يصل جزء من هذا الكحول عبر المشيمة إلى الجنين. حيث لا يمكن لجسم الجنين أن يعالج الكحول بنفس الطريقة التي يعالجها به جسم الإنسان البالغ، نظرًا لعدم اكتمال تشكل الكبد والأعضاء الحيوية الأخرى لديه، مما يجعل جسمه يؤيض الكحول بشكلٍ أبطأ من الشخص البالغ. وهذا ما يجعل تركيز الكحول لدى الجنين مرتفعًا، ويمنع بذلك وصول الغذاء والأكسجين اللازمين لنمو أعضائه الحيوية. ويحدث الضرر الأكبر خلال الأسابيع الأولى من الحمل، إذ لا تكون المرأة قد علمت بحملها بعد، لذا فهي تستمر بتناول الكحوليات، وتزداد الأخطار المحيطة بالجنين كلما تناولت الأم الكحول بكميات أكثر.
ويلحق الكحول الكثير من الأضرار بالجنين، حيث يتسبب بقتل بعض الخلايا في جسم الجنين، مسببًا خللًا في تطور الجنين الجسدي. كما يحدث خللًا في طريقة نمو وتطور الخلايا العصبية. إضافةً إلى انتاج موادٍ سامةٍ قد تتسبب في إتلاف بعض خلايا دماغ الجنين.

تشخيص متلازمة الكحول الجنيني

يتطلب تشخيص أعراض متلازمة الكحول الجنيني خبرةً كبيرةً من الطبيب المعالج. إذ قد تظهر العديد من الأعراض المرتبطة بمتلازمة الكحول الجنيني على الأطفال الأصحاء نتيجة إصابتهم باضطراباتٍ أخرى. وكلما كان التشخيص مبكرًا كلما أمكننا الحصول على نتائج أفضل. لذا راجعي سيدتي طبيب الأطفال مباشرةً إذا كنت تظنين أن طفلك مصاب بمتلازمة الكحول الجنيني. ويجب أن يعلم الطبيب فيما إذا كنت قد تناولت الكحول أثناء حملك أم لا.
يمكن أن يعمل الطبيب خلال الأسابيع الأولى من عمر الطفل على مراقبة ظهور علامات وأعراض متلازمة الكحول الجنيني التي تؤكد التشخيص، وتشمل هذه العلامات:

  • معدل نموٍ بطيءٍ.
  • علامات وجهٍ غير طبيعيةٍ.
  • حجم رأسٍ صغيرٍ.
  • مشاكل في السمع والرؤية.

وعند اشتباه طبيب الأطفال بإصابة الطفل بمتلازمة الكحول الجنيني فقد يحيله إلى اختصاصيٍ في نمو الأطفال، أو اختصاصيٍ في طب الأعصاب، أو إلى اختصاصيٍ آخر تلقى تدريبًا خاصًا عن متلازمة الجنين الكحولي من أجل تقييم الأعراض، واستبعاد الاضطرابات الأخرى المشابهة لهذه المتلازمة في الأعراض.

علاج متلازمة الكحول الجنيني

تعتبر متلازمة الكحول الجنيني غير قابلةٍ للشفاء، وعادةً ما تستمر أعراضها الجسدية والعقلية مدى الحياة. إلا أن هناك علاجًا لبعض أعراضها. وكلما كان الكشف مبكرًا أكثر، كلما ازدادت فرصة التحسن. وتتطلب رحلة علاج أعراض هذه المتلازمة فريقًا من الأطباء والاختصاصيين يضم معلم التربية الخاصة، وأخصائي علاج الكلام والتخاطب، وأخصائي العلاج البدني والمهني، وأخصائي علم النفس. حيث يساعد هذه الفريق في تقديم العديد من الخدمات مثل:

  • خدماتٍ للمساعدة في مشاكل الدراسة والتعلم والمشاكل السلوكية في المدرسة.
  • التدخل المبكر لتطوير مهارات المشي، والتحدث، والمهارات الاجتماعية الأخرى.
  • تقديم الرعاية الطبية لعلاج مشاكل الرؤية والسمع، ومشاكل تشوهات القلب.
  • التدريب الوظيفي والتدريب على القيام بالمهام الحياتية اليومية.
  • معالجة إدمان الكحول وتعاطي المخدرات في حال لزم الأمر.
  • تقديم النصائح للأسرة في كيفية التعامل مع المشاكل السلوكية للطفل.

يفضل أن يكون جو الأسرة المحيط بالطفل المصاب مليئًا بالحب والود، لأن هؤلاء الأطفال يكونون أكثر حساسيةً لعدم الاستقرار من الأطفال العاديين كما أنهم أكثر عرضةً لمشاكل العنف والإدمان. ويعمل هؤلاء الأطفال بشكلٍ جيدٍ مع وجود روتينٍ يوميٍ، واتباع قواعد بسيطةٍ ومكافآتٍ على السلوك الإيجابي. ومع ذلك قد يصف الأطباء مجموعةً من الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق، وأدوية الذهان، ومجموعةً من المنبهات لعلاج عدم التركيز. كذلك قد يلجأ الأهل أحيانًا إلى بعض العلاجات البديلة كالتدليك، والوخز بالإبر، واليوغا.